•من لا يقدر على منع هدم براكية واحدة كيف يمكنه التصدي لصفقة القرن؟!•
مخطئ اذا كنت تظن أن صفقة القرن هي صناعة "افكار" الرئيس الأمريكي ترامب، لانها بالحقيقة وعاءًا يحوي بداخله شذرات من مخططات وأفكار مختلفة طفّت على سطح المسرح السياسي عبر سنوات وعقود مضت، وهي عبارة عن مرحلة أخرى من مخطط فكرة "الشرق الأوسط الجديد" التي حملها وحلم بها الزعيم الاسرائيلي شمعون بيريز، وكانت اولى مراحلها اتفاقية أوسلو التي استاصلت اللبة من المشروع الوطني الفلسطيني وطعنته بالصدر.
"صفقة القرن" وليد مشوه وضعيف كقالب ثلج يتلاشى مع اول اشراقة شمس، واذا فرضنا أنها ستقابل بالرفض، يجب ان تتوفر عدة عوامل لمناهضتها ونستطيع اختزالها في ثلاث مسارات :
• الحراك الشعبي المكثف في كافة الدول العربية والاسلامية وتشكيل قوة ضاغطة تعمل على تضييق الخناق حول المصالح الأمريكية في هذه الدول ( الاقتصادية والتجارية بشكل خاص ) والغربية ودول شرق آسيا وفي مقدمتها الصين، اليابان وكوريا بشكل عام.
• والمسار الثاني قيام الدول العربية والاسلامية بالاعلان عن حالة طوارئ، والاسراع باطلاق مبادرة مصالحة فيما بينها واتخاذ قرار رافض لهذه الصفقة.
• اما المسار الثالث ورغم هشاشته فهو الدور الفلسطيني حيث يتوجب على القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الشتات الإجماع على رفض الصفقة واتخاذ خطوات فعلية لاثبات ذلك واهمها اعادة مفاتيح اتفاق أوسلو ، اي الاعلان عن تفكيك السلطة الأمر الذي يخلق حالة من الفوضى الايجابية في الشارع الفلسطيني والارتباك الشديد في الشارع الإسرائيلي والذي سيؤدي إلى صراع سياسي إعلامي في المجتمع الإسرائيلي اليهودي طبعًا مما سيضيق الخناق حول مؤيدي الصفقة نظرًا للخطر المحدق بإسرائيل نتيجة حالة الفوضى في الشارع الفلسطيني وقد يتراجعوا عن موقفهم محملين بنيامين نتنياهو مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع .
ثم علينا الا ننسى الارتباطات الاقتصادية والمصالح التجارية واسعة النطاق بين الطرفين. 

مما لا شك فيه ان الحراك الشعبي السلمي في الداخل الفلسطيني وهو حراك محدود تأثيره ضئيل جدًا لعدة أسباب أهمها الارتباط شبه الكلي باسواق التجارة والعمل الإسرائيلية، ومن المستحيل أن يتمكن المجتمع العربي الذي يعاني من وضع اقتصادي-اجتماعي صعب من المغامرة بالإضراب عن العمل ولو لفترة قصيرة، فالعامل الذي يقع تحت طائلة دفع الأقساط المتنوعة وسداد القروض المختلفة لن يقدر على المشاركة بالعصيان الفعلي خوفًا من رد فعل الجانب الاسرائيلي والذي قد يصل لحالة من العقاب الجماعي.

لا يخفى على احد أن أعضاء الكنيست أعلنوا عن عزمهم بالتصدي لصفقة القرن (او لنقل استثمارها انتخابيا لحصد مردود تمثيلي اكبر بالكنيست الإسرائيلي ) , ومهما يكن ذلك فأننا على يقين بأن صفقة القرن اكبر من قدراتهم , فمن لا يملك القوة والادوات لمنع هدم "براكية" من الصفيح في بئر هداج كيف له أن يقنعنا بانه سيتصدى ويمنع صفقة بحجم صفقة القرن..؟! 
ان احترام القيادات لجماهيرها وشعوبها تبدا من نقطة احترامها لهم والدفاع عنهم والإخلاص في الكفاح من اجلهم
 ( ليست الشعارات وحدها تسمن او تغني من جوع ) ، فاذا كانوا صادقين حقًا بخطابهم , سيتوجب عليهم الان الان صفع صفقة القرن عبر قيامهم بإعادة مفاتيح سيارات السكودا ومفاتيح مكاتبهم بالكنيست ووقذف اوراق استقالتهم بوجه يولي ايدلشتاين، والاعلان الحازم عن مقاطعة الانتخابات في قاعة المؤتمرات الصحافية بمقر الاتحاد الأوروبي ببروكسل وأمام اعين العالم اجمع..

هذه الخطوة , بتقديري الشخصي , قد يكون لها تأثيرها المهمً اذا ما تزامنت مع تفكيك السلطة الفلسطينية في رام الله والتنصل من اتفاقيات أوسلو وكانها شيئًا لم يكن ..

العالم أجمع واثق بأن العرب لن يتحركوا ويعلم جيدًا انهم تحولوا منذ حوالي قرن تحولوا لظاهرة صوتية (ونحن من ضمنهم)، يجعجعون صباحًا هاتفين ضد الإمبريالية ويرتمون مساءًا في اروقة البيت الأبيض بحضن امريكا.
وكاسك يا وطن..
سعيد بدران 1905

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العين يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية مقالات . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان : info@el3en.com